الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: القانون (نسخة منقحة)
.فصل في علاج الخراجات الظاهرة: أما الاستفراغات وما يعالج به الأورام في أوائلها إلا أن يخاف رجوع المادة إلى عضو شريف كما بينا وكما يغلط فيه الجهال فأمر يشترك فيه الخراج الحار والأورام الحارة غير الخراجية والذي يختص به من التدبير فهو تحليل ما يجتمع فيه وذلك على وجهين من التدبير.أحدهما التدبير الجاري على السداد.إذا لم يكن المرض خارجاً عن المعتاد خروجاً كثيراً وهو أن يحتال في إنضاج المادة مدة وفي تفجيرها بعد ذلك وأن تراعى القوة وتحفظها لئلا يسقطها الوجع والانفجار دفعةً.فإن كثيراً من الناس تموت غشياً وذبول قوة بل يجب أن تراعي أيها الطبيب كيف تقوي القوة وتحفظها بما تعلم فيجب أن تغذو صاحب الدبيلة بأغذية جيدة.إلا أن يكون الخراج في الأحشاء فتحتاج ضرورة إلى تلطيف الغذاء.والثاني التدبير الخارج عن السداد لضرورة الحال وهو أنه إذا كان المرض عظيماً والخراج مجاوزاً في عظمه للمعتاد وخيف استعجال الأمر في انتظار النضج فيه.أو عُلم أن القوة لا تفي بإضاج جميع ذلك وإن حاولت الإنضاج تأدى ذلك إلى تأثير غير الإنضاج فلا بد من البضع اتقائك مَسَ الحديد لما يلي الخراج من الأعضاء الكريمة التي في مس الحديد لها خطر.وكذلك إذا أحسست أن المادة من الغلظ بحيث لا تنضج أو خفت أن الحار الغريزي من القلة في العضو بحيث لا ينضج أو خفت أنه لتقصيره بحيث يحيل إحالة غير الإنضاج الحقيقي أو يكون الخراج بقرب المفاصل أو الأعضاء الرئيسة فيخاف إفساده إياها.وإن عولت في الإنضاج على الأدوية المغرية أو المنضجة لم يبعد أن تمنع المغرية نفوذ النسيم في المسام وتحرك المنضجة حرارة ضعيفة وجميع ذلك يعين على تعفين العضو ففي أمثال هذه لا بد من الشرط الغائر والبط العميق ثم تتبع ذلك أدوية هي في غاية التحليل والتجفيف ويجب أن يكون البط والشرط ذاهباً في طول ليف عصب العضو اللهم إلا أن يراد أن يبطل فعل ذلك العضو خوفاً من وقوع التشنج فيقطع الليف عرضاً ويسلم مما يتخوّف وأكثر طول الليف مع طول البدن إلا في أعضاء مخصوصة وكذلك تجد أكثر طول الليف مع كسر الأسرة والغضون إلا في أعضاء مخصوصة كالجبهة.ولا ينبغي أن تُقرب من المبطوط والمشروط ماء ولا دهناً ولا شيئاً فيه شحم فإن لم يكن بد من غسل فبماء وعسل أو ماء بشراب أو بخل فان اشتد الورم والالتهاب بعد البط ضمدت بالعدس وإن لم تكن تلك حاجة استعملت الملحمات والمراهم.واعلم أن هذا البط مولد للصديد والوضر والناصور ولكن إذا لم يكن منه بد فلا حيلة وأولى ما يصير عليه إلى أن تنضج المواضع اللحمية القليلة العصب والعروق.واعلم أن الصنوبرية المرتفعة المحددة الرؤوس قلما تحتاج إلى بط لا قبل النضج ولا بعده.فصل في تدبير الانضاج والحيلة للتقيح في الخراجات الظاهرة:الأدوية المنضجة يجب أن تكون حرارتها قريبة من حرارة البدن ويكون لها تغرية ما.منَ ذلك في أول الدرجات النطول بالماء الفاتر والتضميد بدقيق الحنطة أو الشعير.والحنطة الممضوغة أجود في ذلك والخبز مع ماء وزيت أو شمع وزعفران ودقاق الكندر والزفت بدهن الورد وشحم الخنزير أو ضماد من الخطمي وبزر الكتان وأيضاً ضماد من التين اليابس الحلو الدسم السمين وحده أو بدقيق الشعير ودقيق الشعير أيضاً وخصوصاً إن جعل فيه زوفا وصعتر بري أو جمع بماءَ طبخا فيه مع قليل ملح من غير إفراط وربما زدت فيه شحماً أو دهناً وأقوى من ذلك حرف مع علك البطم.والأدوية المركبة من الزبيب والميعة والقنة والمر واللاذن والراتيانج والسمن والمصطكي والزوفا الرطب وأصل قثاء الحمار وأصل دم الأخوين.ومرهم جالينوس بدهن الخروع من غير شمع وخصوصاً إذا ديف هذا المرهم في الزيت وكذلك مرهم.فصل في تدبير الخراجات الظاهرة:إذا نضجت إذا وجدت الخراج غليظ الجلد لا يرجى معِ النضج انفجاره وهناك عروق وأوتار وعصب فيجب أن تبط فإنك إن تركت المدَة فسدت وأفسدت وأكلت العروق وليف العصب وأشدّ ما يكون ذلك إذا كان بقرب من المفاصل.واطلب ببطك موضع المدة واجتهد أن يقع باب البط إلى أسفل إلاّ حيث لا يمكن وإن كان ما على الخراج سميناً فشققت فشق الباب فقط فإنه يلتزق السمين بما وراءه وإن كان نحيفاً فشقّ جميعه طولاً.واعلم أن الموضع الذي فيه المدّة تبين بالمسّ وخصوصاً إذا كبست بإصبع وأنت تراعي بإصبع أخرى ولو من اليد الأخرى هل يندفع شيء من الكبس.وموضع المدّة يظهر من ميل لونه إلى البياض وما لم ينضج يكون إلى حمرة وقد يكون موضع المدة إلى خضرة وصفرة إذا لم تكن المدة جيدة والمعتمد للمس دون البصر على أنّ للعصر معونة.ويجب أن يلزم في الشق الخطوط الطبيعية من الاسرة إلا عند الضرورة ففي أعضاء مخالفة وضع الليف في طوله لوضع الاسرة فإنك إن اتبعت في بط خراج يكون على الجبهة الاسرة سقطت جلدة الجبهة على الوجه بل تحتاج إلى أن تخالف الاسرة.وأما في مثل الأربية فيجب أن تذهب مع الاسرة في العرض من الجلدة وإذا بططت الخراج وأخرجت ما فيه فالواجب أن تبادر إلى إلصاق الجلد باللحم لئلا يتخرّق ويتصلب ويصير بحيث لا يلتصق وتحدث فيه المخابي التي لا تزال تمتلىء وتعود مثل الخراج الأول وكلما نقيت لم تلبث أيضاً أن تمتلىء وتصير بالحقيقة من جنس النواصير وقبل أن تلزقه في الوقت يجب أن تنقيه وإن احتجت أن تدخل فيه مِرْوَداً على رأسه خرقة خشنة تنقيه بها وتحكه وتلزقه وتضبطه بالشد على ما سنذكر من رباط المكهوف والقروح الغائرة كان صواباً جيّداً.ويجب أن تراعي في البطّ ما ذكرناه من الشرائط ثم تبط من أنضج موضع وألحمه وأبعده من الشرايين والعروق والأوتار.قال انطيلس: إذا كان الخراج في الرأس فشقّه شقّاً مستوياً ويكون مع أصل نبات الشعر لا يكون معترضاً فيه لكي يغطيه الشعر ولا يتبين إذا برأ.قال: وإن كان في موضع العين فإنا نبطه معترضاً وإن عرضت في الأنف بططناه مستوياً بقدر طول الأنف.وإن كان بقرب العين بططناه بطاً يشبه رأس الهلال وصيرنا الإعوجاج إلى أسفل.وإن عرض في الفكين شققنا مستوياً لأن تركيب هذا الموضع مستو ويعرف ذلك من أجساد الشيوخ.وأما خلف الأذنين فإنا نبطه مستوياً.وأما الذراعان والمرفقان واليدان والأنامل والأربيتان فإنا نبطها كلها بالطول.قال: وإن كان بقرب الفخذين بططناه بطاً مستديراً والبط المستدير هو الذي يأخذ مع أخذ في طول البدن شيئاً من عرضه.قال لأن هذا الموضع إذا لم يبط مستديراً أمكن أن تجتمع فيه المواد وتصيّرنا صوراً وكذلك أيضاً تبط ما كان بقرب المقعدة لمكان الرطوبة التي تجتمع فيه وفي الجنب والأضلاع يبط مورباً.وأما الخصي والقضب فمستوياً.قال: ويُحرض أبداً أن يكون البط متابعاً للشكل الكياني ما قدرنا عليه.وأما الساقاق والعضدان فتشق بالطول وتتحفظ عن أن تصيب العصب.واعلم أن البط يختلف بحسب المواضع إذا كان عند العين فبطه مقرناً كشبيه وضع العين وفي الأنف بطول الأنف وفي الفك وقرب الأذن يشق مستوياً لأن تركيب هذا الموضع مستو ويعرف ذلك من أجساد الشيوخ.فأما خلف الأذن فبط مستو والذراع والساق والفخذ والعضد كله مستو ويصير بالطول وكذلك في عضل البطن وفي الظهر وفي الأربية والإبط إجعله بطاً يأخذ من العرض أيضاً لئلا يصير فيه مخبأ يصيرنا صوراً وكذلك ما كان بقرب المقعدة فخذ فيه من العرض أيضاً لئلا يحدث مخبأ فيصيرنا صوراً وفي الأنثيين والقضيب مستوياً بالطول وفي الجنب والأضلاع حذو الأضلاع هلالياً مقرناً لأنّ وضع الأضلاع كذلك واللحم الذي عليها.قال: وتفقد أبداً وضع لحم الموضع وليف عضله لأنّا إنّما نحرص على أن نبط باتباع الموضع لئلا يحدث قطع ليكون موضع الإلتحام حسناً غير وحش ليكن في كل حال من همّك أن لا تقطع شرياناً أو عرقاً عظيماً أو عصبة أو ليف عضلة والبط بحسب عظم الخراج إذا كان صغيراً يسيل ما فيه من موضع فشقه في موضع وإن كان عظيماً فبطه بتزيد ثم أدخل إصبعك السبابة اليسرى فيه وبطّه حتى تنتهي إلى رأسه ثم ادخل أيضاً في البط الثاني وعلى ذلك حِتى تأتي عليه.فإن كان للخراج موضع مستقل يمكن أن يخرج ما فيه منه بططناه في ذلك الموضع وإن كان مستديراً أو له شكل لا يخرج ما فيه من بطة واحدة بططناه أسفله من موضعين أو ثلاثة بقدر ما تعلم إن كل ما يجتمع فيه يسيل في الوقت.قال: وإذا كان الخراج في مفصل أو في عضو شريف أو موضع قريب من العظم أو غشاء أسرعنا في بطه قبل أن يستحكم نضجه لئلا يفسد القيح شيئاً من هذه الأعضاء نقول: هذا هو التدبير.إذا لم تجد بداً من البط فإن رجوت أنه ينفجر بنفسه فلا تبط وكذلك إن رجوت أنّه ينفجر بالأدوية المفجّرة وربّما وجدت في الأدوية المفجرة ما يقوم مقام البط وكثيراً ما يبط.الجلد بطاً أو يؤخذ منه شيء ثم يوضع عليه المفجّر ليكون أغوص له.أمّا الخراجات السليمة التي لا كثير رداءة فيها فيفتح مثلها الماء الحار ويفجره.وأمّا المتعفنة فتتضرر بذلك تضرراً شديداً لما يجلب إليها من المادة.وإذا رأيت الخراج يصلحه الماء الحار فثق بجودته.واعلم أنّ التضميد بأصل النرجس يفخر كل صعب وخصوصاً مع عسل ويغلى جميع ذلك في دهن السوسن أو أصل القصب الطري مع عسل أو زفت يابس مع وسخ كواوير العسل أو مرهم أو بوسلوس أو يؤخذ شمع وراتيانج وسمن من كل واحد رطل ومن الزفت اليابس والعسل نصف رطل ومن الزنجار ثلاث أواق ومن الزيت قدر الكفاية.ودواء الثوم جيد جداً أو يؤخذ من الأشقّ ست أواق شمع أربعة بطم أربعة كبريت أصفر ثلاثة نطرون ثلاثة ويتحد مرهم من ذلك.ومما جربناه أن يؤخذ لب حبّ القطن والجوز والزنج والخمير والكرنب المطبوخ والبصل المطبوخ والخردل وذرق الحمام فيتّخذ منه ضماد فيفجر بسرعة.وأيضاً الدياخيلون مدوفاً في لعاب الخردل والصابون مدوفاً باللبن.ومن الأدوية المفجرة القائمة مقام البط أن يستعمل مرهم مأخوذ من عسل البلاذر والزفت الرطب يجمعان بالنار سواء ثم يجعل على الخرّاج نصف يوم فإنه يفجره.ومما هو قوي أيضاً أن يؤخذ القلي والنورة غير المطفأة فيجعل في غمرة ونصف ماء ثم يصفى بعد إغلائه ويكرر في ذلك الماء القلي والنورة ثم يؤخذ ويجعل في قصعة من نحاس ويوضع على جمر فينعقد ملحاً ويؤخذ من هذا الملح شيء ومثل ربعه نوشادر ويجعل في لعاب الحرف وفيه شمّة من عسل البلاذر ويستعمل.أو تؤخذ الذراريح وتسحق وتجعل على الزيت العتيق وتجعل على نار لينة نار جمر حتى يتحد الجميع ثم يسحق سحقاً كالمرهم ويتخذ منه ضمّاد وخصوصاً إن جعل عليه عسل البلاذر وخصوصاً إن جعل فيه ذرق البازي أو ذرق العصافير أو ذر البطّ.وذكر بعضهم الكبيكج.ومن الأدوية المحلّلة كلّ حاد محلل يكرّر على الموضع مرتين في اليوم مع تسخين العضو وخلخلته بالكمادات الفاعلة لذلك مما فيه رطوبة حارة وكلّما تحلّل نقصت مرار الوضع والتكميد ويجب أن لا يخلي التدبير عن الأدوية الملينة حتى تلين صلابة إن حدثت ولا تجمد المدّة فإن زالت المدة وتحللت وبقيت صلابة فالواجب استعمال المليّنة وحدها.وهذه الأدوية المحلّلة للمدّة هي من جملة البورق والخردل وزبل الطيور والزرنيخ والنورة والقردمانا ويخلط بمثل الكندر وعلك البطم والمصطكي والدبق ويجمع بالخل والزيت العتيق والدواء المتّخذ بالثوم والدواء المتخذ بالأقحوان ودواء يتّخذ من العاقر قرحا والميويزج والبورق بالعسل وكلّ هذا ينظف الموضع قبله بماء حار ودواء مارقشيثا ونسخته: أن يؤخذ من حجر المارقشيثا إثنا عشر درهماً أشق مثله دقيق الباقلا ستة دراهم يخلط بريتيانج رطب ويلطخ على جلد ويوضع على المدّة حتى يسقط من ذاته ويجب أن يستعمل في الوقت فإنّه يجف سريعاً.ودواء يتخذ من النوشادر ونسخته: يؤخذ من النوشادر جزء ومن البارزد ربع جزء من المرتك جزء وثلث ومن الزيت العتيق جزء وثلثا جزء يتخذ منه لطوخ وإذا لم تنفع الأدوية احتيج كما قدمنا ذكره إلى بط وكي.فصل في تدبير الخراجات الباطنة:أما الدبيلات الباطنة فيجب أن تدبرها بالاستفراغ وخصوصاً إذا دل المرار الخارج في البراز والبول على أنٌ الدم كله رديء.وأما إذا صلح أو حدس الطبيب أن الدم جيد ما خلا ما دفعته الطبيعة إلى الخراج وبعد الاستفراغ فيجب أن ينضج بأدوية معتدلة مثل الشراب الرقيق اللطيف إذا شرب قليلاً قليلاً والمعتمد في إنضاح المستعصي منها الأدوية الملطفة المجففة كالمر والدارصيني وسائر الأفاويه وتتبع بشرب الشراب الرقيق الذي إلى البياض ومن المركّبات الترياق والمثروذيطوس والاميروسيا..فصل في الدماميل: الدماميل أيضاً من جنس الخراجات وأكثرها من رداءة الهضم ومن الحركات على الامتلاء وما يجري مجرى ذلك وأردأ الدماميل أغورها.فصل في علاج الدماميل:إذا ظهر الدمل فعالجه إلى قريب من ثلاثة أيام علاج الأورام الحارة ثم بعد ذلك ينبغي أن تشتغل بالتحليل والإنضاج فربما تحلل وذلك في الأقل وربما نضج.ولا يجب أن تتغافل عن علاج الحمل فكثيراً ما يؤول إلى خراج عظيم وهذا يؤمن عند الاستفراغ بقدر الواجب فصداً وإسهالاً وإذا كان للدمل ضربان وقاعدة أصل فلا بد من نضج فأعلن عليه.والمبتلى بكثرة خروج الدماميل يِخلصه منها الإسهال وتسخيف الجلد بالحمام المستعمل دائماً والرياضة.ومن منضجاته: بزر المر مدقوقاً مع اللبن أو ماء التين والخردل والعسل أو التين بالعسل نفسه والحنطة الممضوغة جيدة لإنضاجها وكذلك الزبيب المعجون ببورق أو التين مع الخردل مخلوطاً بدهن السوسن.والدواء الدّملي المعروف ودواء الخمير المعروف ودواؤه بهذه الصفة ينضج بالرفق.ونسخته: يؤخذ سمن أوقية ونصف ومن الخمير الحامض أوقيتان وبزر المر والمدقوق وبزر قطونا من كل واحد أوقية ونصف شيرج التين ثلاث أواق حلبة وبزر الكتان من كل واحد خمسة دراهم يغلى في اللبن ويستعمل فإنه معتدل.وإذا كان الدمل عسر النضج ساكن الحرارة ثقيلاً فافصد العرق الذي يسقيه ثم احجم الموضع ولا تفعل هذا في الابتداء فيخرج الدم الصديدي ويحتبس الغليظ وتصير هناك قرحة صلبة وإذا نضج ولم ينبط بططته إمّا بأدوية وإمّا بالحديد بحسب ما قيل في باب الخراجات ومن مفجراته الجيدة بزر الكتان وذرق الحمام والخمير.
|